الأربعاء، 1 أكتوبر 2025

طلاء بالذكاء الاصطناعي يبرد المباني حتى 36 درجة ويقلل الاعتماد على التكييف

 

استخدم فريق بحثي من جامعة تكساس الذكاء الاصطناعي في تصميم المواد المركبة

طلاء بالذكاء الاصطناعي يبرد المباني حتى 36 درجة ويقلل الاعتماد على التكييف


نجح فريق دولي من الباحثين في ابتكار طلاء ذكي يعتمد على الذكاء الاصطناعي، قادر على خفض درجات حرارة المباني حتى 36 درجة فهرنهايت، ما يعزز الآمال في تقليل الاعتماد على أجهزة التكييف التقليدية التي تستهلك كميات هائلة من الطاقة وتزيد من انبعاثات الغازات الدفيئة.


الابتكار الجديد ليس مجرد طلاء عاكس للحرارة، بل هو ثمرة خوارزميات ذكاء اصطناعي متقدمة، استخدمها الباحثون لتجاوز القيود التقليدية في تصميم المواد الحرارية. بدلاً من تعديل المواد تدريجياً عبر التجربة والخطأ، اعتمد الفريق بقيادة جامعة تكساس في أوستن على تصميم المواد انطلاقاً من الخصائص الحرارية المطلوبة.


وأوضح البروفيسور يويبينغ تشينغ، أحد المشاركين في المشروع، أن هذه المنهجية تتيح تصميم البنية المثالية للمواد بناءً على النتائج المرجوة، ما أدى إلى توليد أكثر من 1500 تركيبة من "المرسلات الحرارية الفائقة"، بتركيبات ثلاثية الأبعاد معقدة يصعب تحقيقها بالطرق التقليدية، وفقاً لما ذكره موقع "Sustainability Times"، واطلعت عليه "العربية Business".


نتائج مذهلة تحت أشعة الشمس

اختبر الباحثون الطلاء الجديد على نماذج مبانٍ تعرضت لأشعة الشمس المباشرة لمدة 4 ساعات، وكانت النتائج لافتة... الأسطح المطلية بالتركيبة الذكية سجلت درجات حرارة أقل بـ10 إلى 36 درجة فهرنهايت مقارنة بالدهانات البيضاء أو الرمادية التقليدية.


وأكد هان زو، أحد مؤلفي الدراسة، أن هذا الفرق الحراري كفيل بتقليص الحاجة إلى مكيفات الهواء في المناطق الحارة. بل إن الفريق حسب أن طلاء سطح مبنى مكوّن من 4 طوابق في مدن مثل بانكوك أو ريو دي جانيرو يمكن أن يوفر نحو 15,800 كيلوواط/ساعة سنوياً، أي ما يكفي لتشغيل أكثر من 10 آلاف مكيف منزلي لمدة عام كامل إذا طُليت 1000 مبنى بهذا الطلاء.


ويكمن السر في قدرة هذه المواد على عكس أشعة الشمس وإطلاق الحرارة المتراكمة على شكل موجات تحت حمراء ضمن نطاقات طيفية تُعرف بـ"نوافذ الغلاف الجوي"، حيث يكون امتصاص الغازات الدفيئة ضعيفاً، ما يمنع ارتفاع حرارة الأسطح والغلاف الجوي.


تطبيقات تتجاوز المباني.. حتى الفضاء!

لا يقتصر استخدام الطلاء الجديد على الأسطح المعمارية، بل يمتد ليشمل السيارات والملابس وحتى الأقمار الصناعية. حيث أشار الباحث تشينغ-وي كيو إلى أن هذه التقنية قد تكون أداة فعالة لمواجهة ظاهرة "الجزر الحرارية" في المدن، حيث ترتفع درجات الحرارة بشكل ملحوظ مقارنة بالمناطق المحيطة.


في قطاع السيارات، يمكن استخدام الطلاء لتقليل الحرارة داخل المركبات المتوقفة تحت الشمس. أما في صناعة الأقمشة، فقد يفتح المجال أمام ملابس ذكية تحافظ على درجة حرارة الجسم في البيئات الحارة. وفي الفضاء، يمكن أن تسهم هذه المواد في تنظيم حرارة المركبات الفضائية وحماية أجهزتها الحساسة من التقلبات الحرارية القاسية.


من جانبه، أشار الدكتور أليكس غانوز من كلية إمبريال في لندن، إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في تصميم المواد يشهد طفرة غير مسبوقة، حيث تعمل شركات ناشئة على تطوير منصات مثل "MatterGen" التابعة لمايكروسوفت، لتصميم مواد صناعية معقدة تشمل بلورات للطاقة وسبائك للطيران ومركبات طبية، وكل ذلك يتم افتراضياً قبل التصنيع الفعلي.


هذه المنهجية الرقمية تمثل تحولاً جذرياً في البحث العلمي، إذ تحل المحاكاة العميقة محل التجارب الطويلة، وتسرّع من وتيرة الابتكار. ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن النماذج النظرية، مهما بلغت دقتها، تحتاج إلى تحقق عملي لتفادي إنتاج مواد غير قابلة للتطبيق أو تحمل عيوباً غير مرئية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق