السبت، 13 سبتمبر 2025

التوحد يراوغ الأطباء.. 9 من كل 10 مرضى بلا تشخيص

 


التوحد يراوغ الأطباء.. 9 من كل 10 مرضى بلا تشخيص


ازدادت تشخيصات التوحد بشكل حاد في العقود الأخيرة، مما أدى إلى تكهنات بأن هذه الحالة جديدة أو ناجمة عن عوامل بيئية حديثة. لكن مراجعة شاملة للأبحاث، التي أجريت على البالغين المصابين بالتوحد ممن تزيد أعمارهم عن 40 عامًا، ترسم صورة مختلفة تمامًا، حيث تُظهر أن التوحد يمتد إلى الأجيال الأكبر سنًا، حيث تصل نسبة الحالات التي لم تُشخَّص إلى 90%، حسبما جاء في تقرير نشره موقع New Atlas نقلًا عن دورية Annual Review of Developmental Psychology.


كشف باحثون من جامعة كينغز كوليدج لندن عن رقم مذهل في دراسة جديدة ركزت على ما هو معروف عن التوحد في منتصف العمر وكبار السن. وتوصلوا إلى أن الغالبية العظمى من المصابين بالتوحد ممن تزيد أعمارهم عن 40 عامًا لا يُشخَّصون، مما له عواقب وخيمة على الصحة والرفاهية وجودة الحياة.


خطر الخرف المبكر

أظهرت الدراسات أن الأفراد المصابين بالتوحد أكثر عرضة للإصابة بالخرف المبكر بأربعة أضعاف، وأكثر عرضة لخطر الأفكار الانتحارية بستة أضعاف، ومتوسط عمر متوقع أقل بست سنوات من أقرانهم غير المصابين بالتوحد.


في الدراسة، كشفت تحليلات السجلات الصحية في المملكة المتحدة أن حوالي 89% من البالغين المصابين بالتوحد الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و59 عامًا - و97% ممن تزيد أعمارهم عن 60 عامًا - ليس لديهم تشخيص رسمي. في الواقع، يمكن أن يعيش 9 من كل 10 بالغين كبار السن المصابين بالتوحد مع هذه الحالة دون أي اعتراف أو مساعدة.


عزلة اجتماعية وصحة متدهورة

قال دكتور جافين ستيوارت، الباحث الرئيسي في الدراسة من جامعة كينغز كوليدج: "تشير هذه التقديرات المرتفعة جدًا لنقص التشخيص إلى أن العديد من البالغين المصابين بالتوحد لم يتم تشخيصهم أبدًا على أنهم من مرضى التوحد، ولن يحصلوا على الدعم المناسب"، موضحًا أن "هذا يمكن أن يجعلهم أكثر عرضة للمشاكل المرتبطة بالعمر، مثل العزلة الاجتماعية وتدهور الصحة".


بالإضافة إلى تحديات الصحة النفسية، يُعاني كبار السن المصابون بالتوحد من معدلات أعلى من مجموعة من الحالات الخطيرة، بما يشمل أمراض المناعة وأمراض القلب والأوعية الدموية واضطرابات الجهاز الهضمي، بالإضافة إلى مشاكل مرتبطة بالعمر مثل مرض باركنسون وهشاشة العظام والتهاب المفاصل.


وبينما تُركِّز الدراسة على المملكة المتحدة، فإن هناك نمط مُشابه في جميع أنحاء العالم. ووفقًا للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، كان لدى طفل واحد من كل 150 طفلًا وُلدوا في عام 1994 تشخيصٌ بالمرض عند تقييم البيانات في عام 2000. تلقى حاليًا حوالي طفل واحد من كل 31 طفلًا وُلدوا بعد عقدين من الزمن، في عام 2014، تشخيصًا بالتوحد (تم تقييم البيانات في عام 2020).

فئة متنامية ومُعقدة طبيًا


وفقًا لما ذكرته نتائج دراسة، أجريت عام 2024 في الولايات المتحدة، ارتفعت معدلات تشخيص اضطراب طيف التوحد بشكل ملحوظ بين عامي 2011 و2022، لا سيما بين الشباب والإناث والبالغين والأطفال من بعض الأقليات العرقية أو الإثنية. وأضاف الباحثون قائلين إنه "يمكن لاتجاهات انتشار التشخيص، المُستقاة من بيانات النظام الصحي، أن تُسهم في تخصيص الموارد لتلبية احتياجات هذه الفئة السكانية المتنامية والمعقدة طبيًا".


وعلى الرغم من ازدياد الوعي والتشخيصات حول العالم، لا يزال كبار السن غير مُدرجين في الإحصاءات. ويكمن أحد الأسباب الرئيسية في كيفية تعريف التوحد تاريخيًا. فخلال معظم القرن العشرين، وُصف اضطراب طيف التوحد بشكل ضيق بأنه "التوحد الطفولي"، وهو مصطلح عفا عليه الزمن الآن، وغالبًا ما يرتبط بالإعاقة الذهنية. ومثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط ADHD، كان التركيز النفسي على الذكور. وقد توسعت معايير تشخيص اضطراب طيف التوحد تدريجيًا منذ ثمانينيات القرن الماضي فصاعدًا، مما أعطى صورة أكثر دقة للمصابين بطيف التوحد، مما يعني أن ارتفاع معدل انتشار التوحد اليوم يُفسر إلى حد كبير بالتغيرات في الاعتراف والمعايير والوعي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق